الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: موارد الظمآن لدروس الزمان
.فصل في تحريم الظلم: وأعظم الظلم وأشده وأخبثه الشرك بِاللهِ قال الله تَعَالَى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيم}، وَقَالَ: {أَنَا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا}، وَقَالَ تَعَالَى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ}، وَقَالَ تَعَالَى: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ}، وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ اليوم تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ}، وَقَالَ تَعَالَى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} الآيات. وَقَالَ: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ} الآيَة. هَذَا مِمَّا ورد في القرآن الكريم في حق الظالمين وأما السنة فمن ذَلِكَ ما ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الظلم ظلمَاتَ يوم القيامة». رواه البخاري، ومسلم، والترمذي. وعن جابر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمَاتَ يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كَانَ قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم». رواه مسلم. وعن أبي مُوَسى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن الله ليملي للظَالِم فإذا أخذه لم يفلته- ثُمَّ قَرَأَ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}». رواه البخاري، ومسلم، والترمذي. وظلم النَّاس أنواع يجمعها قوله: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام». وعن عَبْد اللهِ بن مسعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «إن الشيطان قَدْ يئس أن يعبد الأصنام في أرض الْعَرَب ولكنه سيرضى منكم بدون ذَلِكَ بالمحرمَاتَ وهي الموبقات يوم القيامة اتقوا الظلم ما استطعتم فإن الْعَبْد يجيء بالحسنات يوم القيامة يرى أنها ستنجيه فما زال عبد يَقُولُ يا رب ظلمني عبدك فَيَقُولُ: امحوا من حسناته وما يزال كَذَلِكَ حتى ما يبقى له حسنة من الذُّنُوب». «وإن مثل ذَلِكَ كسفر نزلوا بفلاة من الأَرْض لَيْسَ معهم حطب فتفرق القوم ليحبطوا فلم يلبثوا أن احتطبوا فأعظموا النار وطبخوا ما أرادوا وكَذَلِكَ الذُّنُوب». رواه أبو يعلى من طَرِيق إبراهيم بن مسلم الهجري عن أبي الأحوص عن ابن مسعود. ورواه أَحَمَد، والطبراني بإسناد حسن نحوه باختصار. وعن أَبِي هُرَيْرَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرض أو شَيْء فليتحلله منه اليوم من قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كَانَ له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عَلَيْهِ». رواه البخاري، والترمذي. وعنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «أتدرون من المفلس؟» قَالُوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فَقَالَ: «إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي وقَدْ شئتم هَذَا وقذف هَذَا، وأكل مال هَذَا، وسفك دم هَذَا، وضرب هَذَا فيعطى هَذَا من حسناته وهَذَا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عَلَيْهِ أخذ من خطاياهم فطرحت عَلَيْهِ ثُمَّ طرح في النار». رواه مسلم، الترمذي. وعن ابن عثمان عن سلمان وسعد بن مالك وحذيفة بن اليمان وعبد الله بن مسعود حتى عد ستة أو سبعة من أصحاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا: إن الرجل لترفع له يوم القيامة صحيفة حتى يرى أنه ناج فما تزال مظَالِم بني دم تتبعه حتى ما يبقى له من حسنة ويحمل عَلَيْهِ من سيئاتهم. رواه البيهقي في الشعب بإسناد جيد. وعن أبي ذر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عن النَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وسلم فيما يرويه عن ربه عَزَّ وَجَلَّ. أنه قال: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا». الْحَدِيث رواه مسلم والترمذي وابن ماجة. وروي عن ابن مسعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: «لا تظلموا فتدعوا فلا يستجاب لكم، وتستسقوات فلا تسقوا، وتستنصروا فلا تنصروا». رواه الطبراني. اللَّهُمَّ انفعنا بما علمتنا، وعلمنا ما ينفعنا، ووفقنا للعمل بما فهمتنا، اللَّهُمَّ إن كنا مقصرين في حفظ حقك، والوفاء بعهدك، فأَنْتَ تعلم صدقنا في رجَاءَ رفدك، وخالص ودك، اللَّهُمَّ أَنْتَ أعلم بنا منا، فبكمال جودك تجاوز عنا، واغفر لنا وَلِوالدينَا وَلِجَمِيعِ المُسْلمين، الأحياء مِنْهُمْ والمَيتين، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وآله وصَحْبِهِ أَجْمَعِين. .موعظة: قال بَعْضهمْ يصف السَّلَف: آخر: آخر: آخر: آخر: اللَّهُمَّ أذقنا عفوك وغفرانك واسلك بنا طَرِيق مرضاتك، وعاملنا بلطفك وإحسانك واقطع عنا ما يبعد عن طَاعَتكَ، اللَّهُمَّ وثَبِّتْ محبتك في قلوبنا وقوها ويسر لنا ما يسرته لأوليائك، واغفر لنا وَلِوالدينَا وَلِجَمِيعِ المُسْلمين الأحياء مِنْهُمْ والمَيتين بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وآله وصَحْبِهِ أَجْمَعِين. .فصل في أن دعوة المظلوم لا تُرد: وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ، وَالْإِمَامُ الْعَادِلُ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا اللَّهُ فَوْقَ الْغَمَامِ وَيَفْتَحُ لَهَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ وَيَقُولُ الرَّبُّ: وَعِزَّتِي لَأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ». رواه أَحَمَد والترمذي وحسنه وابن ماجة، وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والبزار مختصرًا بلفظ: «ثلاث حق على الله أن لا يرد لَهُمْ دعوة: الصائم حتى يفطر، والمظلوم حتى ينتصر، والمسافر حتى يرجع». وفي رواية للترمذي: «ثلاث دعواتٍ لا شك في إجابتهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده». وروى أبو داود هذه بتقديم وتأخَيْر. وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عَلَيْهِ وسلم: «اتقوا دعوة المظلوم، فإنها تصعد إلى السماء كأنها شرارة». رواه الحاكم وَقَالَ: رواته متفق على الاحتجاج بِهُمْ إِلا عاصم بن كليب فاحتج به مسلم وحده. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ وَإِنْ كَانَ فَاجِرًا فَفُجُورُهُ عَلَى نَفْسِهِ». رواه أَحَمَد بإسناد حسن. وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما دعوتان لَيْسَ بينهما وبين الله حجاب دعوة المظلوم، ودعوة المرء لأخيه بظهر الغيب. رواه الطبراني وله شواهد كثيرة. وعن خزيمة بن ثابت رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عَلَيْهِ وسلم: «اتقوا دعوة المظلوم فإنها تحمل على الغمام يَقُولُ الله: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين». رواه الطبراني. آخر: قال بَعْضهمْ يصف دعوة المظلوم وَهُوَ في الحَقِيقَة لغز: آخر: وعن أَبِي هُرَيْرَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أن رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وسلم قال: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، التقوى هاهنا التقوى ها هنا». ويشير إلى صدره «بحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كُلّ المسلم على المسلم حرام دمه، وماله، وعرضه». رواه مسلم. وعن أبي ذر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ ما كانت صحف إبراهيم؟ قال: «كانت أمثالاً كُلّهَا: أيها الملك المسلط المبتلى المغرور إني لم أبعثك لتجمع الدُّنْيَا بعضها على بعض ولكني بعثتك لترد عني دعوة المظلوم فإني لا أردها وإن كانت من كافر، وعلى العاقل ما لم يكن مغلوبًا على عقله أن يكون له ساعات فساعة يناجي فيها ربه وساعة يحاسب فيها نَفْسهُ وساعة يتفكر فيها في صنع الله عَزَّ وَجَلَّ وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب. وعلى العاقل أن لا يكون ظاعنًا إِلا لثلاث تزودٍ لمعادٍ أو مرمةٍ لمعاش أو لذةٍ في غير محرم، وعلى العاقل أن يكون بصيرًا بزمانه مقبلاً على شأنه حافظًا للِسَانه ومن حسب كلامه من عمله قل كلامه إِلا فيما يعنيه». قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ فما كانت صحف مُوَسى عَلَيْهِ السَّلام؟ قال: «كانت عبرًا كُلّهَا: عجبت لمن أيقن بالموت ثُمَّ يفرح، وعجبت لمن أيقن بالنار ثُمَّ هُوَ يضحك، عجبت لمن أيقن بالقدر ثُمَّ هُوَ ينصب، عجبت لمن رأى الدُّنْيَا وتقلبها بأهلها ثُمَّ اطمأن إليها عجبت لمن أيقن بالحساب غدًا ثُمَّ لا يعمل». قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أوصني قال: «أوصيك بتقوى الله، فإنها رأس الأَمْر كله». قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ زدني. قال: «عَلَيْكَ بتلاوة القرآن وذكر الله عَزَّ وَجَلَّ، فإنه نور لك في الأَرْض، وذخر لك في السماء». قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ زدني. قال: «إياك وكثرة الضحك، فإنه يميت الْقَلْب، ويذهب بنور الوجه». قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ زدني. قال: «عَلَيْكَ بالجهاد فإنه رهبانية أمتي». قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ زدني. قال: «أحب المساكين وجالسهم». قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ زدني. قال: «انظر إلى من هو تحتك ولا تنظر إلى من هُوَ فوقك، فإنه أجدر أن لا تزدرى نعمة الله عندك». قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ زدني. قال: «قل الحق وإن كَانَ مرًّا». قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ زدني. قال: «ليردك عن النَّاس ما تعلمه من نفسك ولا تجد فيما تأتي وكفى بك عيبًا أن تعرف من الناس ما تجهله من نفسك وتجد عَلَيْهمْ فيما تأتي». ثُمَّ ضرب بيده على صدري، فَقَالَ: «يا أبا ذر لا عقل كالتدبير، ولا ورع كالكف، ولا حسب كحسن الخلق». رواه ابن حبان في صحيحه واللفظ له والحاكم، وَقَالَ: صحيح الإسناد. اللَّهُمَّ توفنا مسلمين وألحقنا بعادك الصالحين الَّذِينَ لا خوف عَلَيْهمْ ولا هم يحزنون واغفر لنا وَلِوالدينَا وَلِجَمِيعِ المُسْلمين بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. اللَّهُمَّ ثَبِّتْ محبتك في قلوبنا وقوها وألهمنا ذكرك وشكرك ويسرنا لليسرى وجنبنا العسرى واغفر لنا وَلِوالدينَا وَلِجَمِيعِ المُسْلمين بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وآله وصَحْبِهِ أَجْمَعِين.
|